top of page
MeryemBrahimiIcon.png

التعاون الأمني الأمريكي الجزائري في الحرب على الإرهاب و تأثيره على المنطقة المغاربية

ملخص الدراسة:

تركز الولايات المتحدة على أن هناك إشكالية أمنية كبيرة في إفريقيا، و ذلك بتحرك الإرهاب نحو الصومال، منتشرا في منطقة الساحل و الصحراء و حتى المنطقة المغاربية، و من خلال أهم المرتكزات الأساسية التي تقوم عليها إستراتيجية الولايات المتحدة في الحرب الشاملة على الإرهاب، و التي تتعلق بتتبع الإرهابيين أينما كانوا، فان التواجد العسكري الأمريكي بات أمرا ضروريا في القارة الإفريقية، خاصة بعد تحرك تنظيم القاعدة نحوها و انتشاره في منطقة الساحل، و حدوث تقارب بينه و بين بعض الجماعات المتطرفة في المغرب و الساحل.

يرى بعض المحللين أن الجزائر تمثل دور الدولة الوكيلة في الحرب الأمريكية على الإرهاب، من خلال كونها الدولة المحورية في شمال إفريقيا، تقوم بتنفيذ الإستراتيجية الأمريكية الموجهة نحو المنطقة، لكن من خلال هذه الدراسة، هناك ما يشير إلى عكس ذلك، بالاعتماد على كون دخول الجزائر في تعاون امني أمريكي، قابله تعاون امني جزائري إفريقي، و يمكن تفسير هذه الازدواجية بمحاولة الجزائر الحيلولة دون تحكم الولايات المتحدة بالمنطقة و بشؤون دولها الداخلية، كذا منع تنفيذ خطة التواجد العسكري فيها.

تجمع العديد من الدراسات و الأبحاث على انه على الولايات المتحدة مراعاة خصوصية المناطق التي تضعها ضمن مناطق الحرب على الإرهاب، و عدم التمادي في التركيز على الجانب العسكري في هذه الحرب، بل عليها استخدام القوة الناعمة لنجاحها وتقليل النتائج السلبية المحتملة، كذا تخفيض تكاليفها البشرية منها و المادية. و من بين النقاط المهمة التي يتم التركيز عليها هي دعم التنمية في المنطقة لرفع قدرات دولها، التي يتم اعتبار بعضها دولا فاشلة و أخرى ضعيفة أو في طريق الفشل.

أهمية الموضوع:

إن المتأمل للتوجهات الأمريكية الجديدة، التي ميزت سياستها الخارجية بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، يلاحظ و بوضوح اهتمامها الكبير بقارة أفريقيا، و خاصة شمال أفريقيا و الصحراء الساحل الأفريقي. تشمل هذه التوجهات العديد من الجوانب: الأمنية و الاقتصادية و حتى السياسية; و ذلك بتركيزها على قضية التحول الديمقراطي في القارة، و دعمها للمعارضة في الكثير من دولها، إذ بدا التأييد الأمريكي واضحا للاحتجاجات الشعبية المهمة في كل من تونس و مصر، و دعوتها للتدخل العسكري في ليبيا لإسقاط نظام الرئيس الليبي معمر القذافي، و التي انتهت بسقوط أنظمة هذه الدول و مقتل الرئيس الليبي.

يرى المسئولون الأمريكيون أن الوضع الأمني و السياسي المتوتر في دول الساحل، يعد فرصة مناسبة جدا لتنظيم القاعدة، و الذي يعاني من بعض المشاكل المالية، و يحاول إيجاد منطقة جديدة للتدريب و العمل، من خلال العديد من الأساليب كالتحالف مع جماعات إرهابية أخرى في العالم، إذ أصبح له فرع في المنطقة المغاربية و الساحل الإفريقي، و هو " تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" ، الذي نشا بانضمام "الجماعة السلفية للدعوة و القتال" ، التي كانت تنشط في الجزائر إلى التنظيم، فقد أعلنت انضمامها سنة 2006، لتغير اسمها إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي سنة 2007.

بالنسبة للجزائر فباعتبار تجربتها المهمة في مكافحة الإرهاب، و كون هذه الجماعة، كانت في الأصل جماعة إرهابية محلية، فقد دخلت البلاد في تعاون امني مهم مع الولايات المتحدة، يرتكز مبدئيا على الظروف الدولية و الإقليمية الراهنة، و المصالح المشتركة بين البلدين التي يغلب عليها فكرة التهديد الأمني المشترك، و محاربة تنظيم القاعدة . حيث تطور هذا التعاون الأمني بينهما مثيرا العديد من التساؤلات على المستوى السياسي و البحثي.

أسباب اختيار الموضوع:

يعتبر موضوع التعاون الأمني و العلاقات الأمنية مهما بالنسبة للباحثين بشكل عام، لكنه موضوع شامل و واسع كمجال بحثي تتعدد فيه الإشكاليات و تتعقد. حيث يركز الباحثون على نقاط محددة انطلاقا من أسباب ذاتية تخص كل باحث، و أخرى موضوعية يفرضها مجال البحث، و عليه سيتم ذكر الأسباب الذاتية ثم الموضوعية كالتالي:

الأسباب الذاتية:

من خلال الاطلاع على بعض الدراسات العربية و الغربية الحديثة، التي تناقش الحرب على الإرهاب و مستقبلها، و الدور الجزائري في هذه الحرب، يمكن ملاحظة اختلاف مستويات و اطر التحليل. تعتبر هذه الدراسات في اغلبها، دراسات غربية داعمة للحرب على الإرهاب، أو رافضة لها بوصفها إحدى وسائل الامبريالية الجديدة، التي تستخدمها الولايات المتحدة; التي خلقت الإرهاب لتبرير استغلالها لشعوب الدول النامية، و اتهام بعض المحللين للاستخبارات الجزائرية، بانها ساهمت في خلق الإرهاب في الساحل الإفريقي، بالتعاون مع الولايات المتحدة، إذ يعد الموضوع مهما و شائكا، لكن يصعب على الباحث الجزائري إيجاد دراسات متخصصة في المجال. حيث أن الجامعات الجزائرية عموما تقل فيها الدراسات التي تركز عليه بالأساس. و منه يمكن من خلال هذه الدراسة أن تستفيد الجامعة الجزائرية و الطلبة و الباحثين منها .

الأسباب الموضوعية:

بدا الاهتمام بالجزائر بشكل كبير و الإشارة إليها على المستوى الدبلوماسي و الإعلامي و البحثي، انطلاقا من تعاونها مع الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب، و تغير الخطاب الأمريكي تجاهها، و الذي يمكن اعتباره مناقضا لتوجهات الأمريكية الحالية، عن ما كان عليه في بداية التسعينات من القرن الماضي. يرى بعض المحللين أن هذا التعاون مجرد محاولة لجر الجزائر للحرب على الإرهاب، لتحميلها النتائج السلبية لهذه الحرب، و تقليل الخسائر الأمريكية فيها، بإيجاد شركاء لهم بعض الإمكانيات التي تعد فعالة في مواجهة الإرهاب. لكن يرى محللون آخرون أن هذا التعاون ضروري، تفرضه الظروف الدولية الراهنة و المصالح المشتركة بين البلدين. و عليه فان هذا الموضوع يعد جديدا و مهما بالنسبة لتطور البحث في العلاقات الدولية، إذ ينضوي على العديد من الإشكاليات و النقاط التي تجب دراستها .

أهداف الدراسة:

تسعى هذه الدراسة إلى تحقيق بعض الأهداف التي تنقسم إلى مجموعتين; الأهداف العلمية و العملية

الأهداف العلمية:

بالنسبة للأهداف العلمية للدراسة; فإنها تحاول بالأساس إيجاد إطار نظري يتم من خلاله تحليل التقارب الأمريكي الجزائري بالاعتماد على التعاون الأمني المهم بينهما، حيث يصعب تفسيره على المستوى النظري، إذا رصدنا التطور التاريخي للعلاقات بين البلدين و التي شهدت بعض التوتر و وجود إشكالية في الثقة بينهما، و عليه فان البحث عن إطار نظري يسهل دراسة التعاون الأمني بين الولايات المتحدة و الجزائر، يجنب الباحث التطرق إلى الموضوع بشكل وصفي سطحي كمجرد خطوة في إطار الحرب على الإرهاب، إذ يبدو أن له أبعاد أعمق من كونه مجرد خطوة إستراتيجية، ليس لها ارتباط كبير بتطور العلاقات بين البلدين و سيتم استبدلها بخطوة أخرى وفقا للمدى الزمني لهذا التعاون.

الأهداف العملية:

تهدف هذه الدراسة على المستوى العملي إلى تبيين كون التعاون الأمني الأمريكي الجزائري في ظل الظروف الدولية الراهنة، يعد مهما بالنسبة للبلدين خاصة إذا تم التركيز على تزايد التهديد الإرهابي في منطقة الساحل الإفريقي في ظل عدم الاستقرار الذي تشهده المنطقة، دون الدخول في جدلية من خلق الإرهاب في الصحراء و الساحل الإفريقي...؟

كما تسعى الدراسة إلى تحديد أهم الآثار المباشرة و غير المباشرة لهذا التعاون على الجزائر و المنطقة المغاربية عموما و حتى الساحل الإفريقي، و تحديد السلبيات التي يجب العمل على تقليلها و إيجاد حلول مناسبة لها.

أدبيات الدراسة:

من خلال الاطلاع الخاص لا توجد دراسات سابقة تحت نفس العنوان " التعاون الأمني الأمريكي الجزائري في محاربة الإرهاب و تأثيره على المنطقة المغاربية "، حيث يتم دراسته ضمن أبحاث تتعلق بالحرب على الإرهاب لكن ليس بتعمق، و هو ما صعب عملية البحث فيه حيث تم الاعتماد على دراسات و كتب و مقالات و تقارير تشير إلى التعاون الأمني الأمريكي الجزائري. على غرار التقارير التي تعدها الباحثة الأمريكية ألكسيس أرايف Alexis Arieff للكونغرس الأمريكي حول الجزائر كذا تقارير يوناه الكسندر Alexander Yonah حول الإرهاب في المغرب و الساحل، إضافة إلى دراسات كل من المفكرين الجزائريين يحيى الزبير و محند برقوق.

الإشكالية:

يثير التعاون الأمني الأمريكي الجزائري العديد من التساؤلات، حيث يشير بعض الباحثين إلى أن هناك تناقضا في توجهات السياسة الخارجية الجزائرية بين الإقليمية و الدولية، كما يشير البعض الأخر إلى أن هناك خلافات مهمة بين البلدين في ظل التوجهات الأمريكية الداعمة لإسرائيل و المغرب الأقصى، و المقصود هنا قضيتي فلسطين و الصحراء الغربية.

من خلال ما سبق و انطلاقا من محاولة البحث بشكل موضوعي في تطور مستويات تعاون الأمني الأمريكي الجزائري في محاربة الإرهاب، يمكن أن نطرح الإشكالية التالية:

ما هي معالم و مظاهر التعاون الأمني الأمريكي الجزائري في محاربة الإرهاب و أهم آثاره على المنطقة المغاربية ؟

هدف نظري:

تحاول هذه الإشكالية إبراز أن هناك متغيرات محددة تتحكم في الدراسة، تستوجب هذه المتغيرات إيجاد إطار نظري مناسب للإجابة عليها، يمكن من خلاله إيراد متغيرات أخرى تؤثر على الدراسة، لكن ليست رئيسية فيها.

هدف عملي:

تهدف هذه الإشكالية إلى رصد العلاقة بين متغيري الدراسة، و انعكاس هذه العلاقة على المنطقة المغاربية على المدى القريب، حيث أن الإشارة إلى المدى الزمني المستقبلي للدراسة يعد مهما لإمكانية ظهور متغيرات جديدة تحكم هذه العلاقة، إلا أن تحديد بداية المدى الزمني المحدد، لم يتم الإشارة إليها في الإشكالية لأنها موجودة ضمنيا، كون التعاون الأمني الأمريكي الجزائري قد بدا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، مع الإعلان الأمريكي الحرب على الإرهاب، لكن هذا لا يمنع من أن يتم الاعتماد على مسار العلاقات بين البلدين، و الأحداث المهمة بالنسبة للموضوع سواء خلال مرحلة التسعينات و الحرب الباردة .

تنضوي تحت هذه الإشكالية مجموعة من التساؤلات المهمة من بينها :

– ما هي الأهداف الأمريكية الحقيقية للحرب على الإرهاب في الصحراء و الساحل الإفريقي؟

– كيف يمكن تفسير توجه الجزائر نحو الإقليمية الأمنية في ظل التعاون مع قوة دولية أجنبية؟

– لماذا تم الاعتماد على الجزائر في الحرب على الإرهاب و ليس على الحليف الأمريكي التقليدي في المنطقة و هو المغرب الأقصى؟ و هل تلعب الجزائر دور الدولة الوكيلة في هذه الحرب كما يشير بعض المحللين؟

– ما دور الطوارق في و ما علاقة تمردهم بالنشاط الإرهابي في المنطقة؟

فرضيات الدراسة:

و للإجابة على الإشكالية و التساؤلات المطروحة، يمكن مبدئيا وضع مجموعة من الفرضيات كالتالي :

1- كلما زادت مستويات التهديدات الأمنية في منطقة الصحراء و الساحل ازداد مستوى التعاون الأمني الأمريكي الجزائري.

2- تخلت الولايات المتحدة على حليفها التقليدي في المنطقة المغاربية و هو المغرب الأقصى لتعتمد على الجزائر .

3- إن التغيرات التي تحدث على مستوى الأنظمة من خلال الاحتجاجات الشعبية، لم تحفز توحد الدول المغاربية من اجل حماية أمنها المشترك، و هو ما يدل على أنها لا تهتم بالأمن الإقليمي بقدر اهتمامها بأمنها الوطني

4- ترتكز العلاقات الجزائرية الأمريكية -و التي يعد التعاون الأمني بين البلدين أهم مظهر لتحسنها بالأساس- على أبعاد الإستراتيجية الأمريكية المتعلقة بإفريقيا و المعتمدة على الحرب على الإرهاب

منهج الدراسة:

تم اعتماد المنهج الوصفي التحليلي في الدراسة، و الذي يعتبر من المناهج التقليدية التي لازالت تستخدم في البحث العلمي الاجتماعي و الإنساني، لكونه من المناهج المهمة التي حتى و إن لم يتم ذكرها في الأبحاث في هذه المجالات، إلا أنها تستخدم بشكل كبير. كما تقوم الدراسة على نظريتي القوة الناعمة للبروفيسور الأمريكي جوزيف ناي و الدولة الفاشلة، و ذلك لتفسير السلوك الأمريكي تجاه الجزائر، المنطلق من المنظور الأمريكي لدول منطقة الساحل، كذا محاولة جذب الجزائر لتكون طرفا داعما لها في هذه الحرب.

التنظيم الهيكلي للدراسة:

للوصول إلى نتائج موضوعية و بناء دراسة أكاديمية، تم تقسيم البحث إلى أربع فصول ، يرتكز الفصل الأول على مبحثين، المبحث الأول يتم من خلاله تحديد مفهوم كل من القوة الناعمة بالتركيز على اشكال القوة من ناعمة و صلبة و القوة الذكية التي يعرفها جوزيف ناي أنها القدرة على الجمع بين عنصري القوة الصلبة و هما العنصر العسكري و الاقتصادي، و القوة الناعمة التي تعني القدرة على الجذب لتشكيل القوة الذكية أن القوة الصلبة قد يصبح لها جانب جذاب أو ناعم أحياننا، مستشهدا بمقولة أسامة بن لادن التالية: "عندما يرى الناس حصاننا قويا و آخر ضعيفا فإنهم بطبيعتهم سيحبون الحصان القوي". و عليه فان تعاطف الناس مع الضحية المغلوبة هو احتمال أرجح من وضع رهانهم عليها، و تستخدمها الولايات المتحدة من خلال الدبلوماسية الدولية و الدبلوماسية العامة بالتاثير على الشعوب، ثم نظرية الدولة الفاشلة يرى بعض المحللين أن أهم نقطة في البحث في قضية الأمن في إفريقيا، تكمن في التركيز على فشل الأنظمة الإفريقية التي جاءت بعد الاستعمار[1] حيث تعد مهمة لتحليل السياسة الامريكية الموجهة للدول القارة ثم المبحث الثاني المتعلق بالإطار الجيوسياسي للدراسة، و ذلك بتبيين أهم مميزات و أوضاع المنطقة المغاربية و منطقة الساحل الإفريقي من الناحية الجيوسياسية، كذا أهم التهديدات الأمنية المشتركة التي تواجه دول المنطقتين خاصة الهجرة غير الشرعية الارهاب و الجريمة المنظمة كذا قضيتي الصحراء الغربية و الطوارق.

بالنسبة للفصل الثاني فيتم التركيز على الإستراتيجية الأمريكية في محاربة الإرهاب في الصحراء و الساحل الإفريقي، بالبحث في ظهور الحرب الشاملة على الإرهاب في المنطقة تتعدد المصطلحات التي يتم إلى الحرب على الإرهاب من خلالها، على غرار الحرب الشاملة على الإرهاب، كذا محاربة الإرهاب أو مكافحة الإرهاب، و التي تندرج ضمن المصطلح الانجليزي الموضوع في هذا الإطار و هو Counter- Terrorism، تشير الكلمة الانجليزية Counter إلى رد الفعل حول حدث أو فعل ما، و منه يمكن القول أن إستراتيجية الحرب على الإرهاب تركز على رد الفعل على الأحداث التي وقعت، و محاولة منع حدوثها في المستقبل. أوضح كل من واين رايس و ريتشارد الدريش Wyn Rees and Richard Aldrich سنة 2005 هذه النقطة المهمة بالنسبة لإستراتيجية محاربة الإرهاب كونها ذات طبيعة قائمة على رد الفعل، معتمدين على ثلاث أشكال من المرتكزات التي تقوم عليها و هي; الانتقام العسكري، تقوية القوانين و التشريعات المتعلقة بمعاقبة الإرهابيين و المشتبه فيهم، ثم تخفيض التهديدات الإرهابية من خلال التنازل في قضايا معينة. تهدف إستراتيجية محاربة الإرهاب إلى التخفيض و القضاء على التهديد المادي للإرهاب، من خلال القوة و استخدام الأساليب القانونية أي أنها ليست مصممة من اجل القضاء على الأسباب الحقيقية التي أوجدت الظاهرة و تساهم في تقويتها.

تعد هذه أهم نقطة تم نقد إستراتيجية محاربة الإرهاب من خلالها و هو المنظور المحدود الذي تقوم عليه، الذي يشبه إلى حد كبير ما قام به الجيش الفرنسي ضد جبهة التحرير الوطني الجزائرية خلال الخمسينات و بداية الستينات، إذ كان الجيش الفرنسي يقوم بعمليات عسكرية انتقامية ضد جبهة التحرير، و تعتمد بالأساس على أن العنف يقابل بعنف اشد و أقوى. أثبتت الإستراتيجية الفرنسية في ذلك الوقت فشلها، كونها لم تستطع كسب تأييد السكان المحليين و الذي يأتي من خلال الفهم الثقافي و الاجتماعي المتبادل. قامت الولايات المتحدة بنفس الشيء في حربها ضد القاعدة في أفغانستان، بالتركيز على الرد العسكري على التنظيم[2]، و يبدو أنها تقوم بنفس الشيء في منطقة الساحل بالتعاون العسكري مع دول المنطقة، للرد العسكري على تنظيم القاعدة و الجماعات الموالية له فيها.

، و الأسس والمرتكزات التي تقوم عليها، كذا التحديات التي تواجهها و اهمها اشكالية المعطيات و الانتشار الشرعية و التاييد الدوليين كذا تزايد حجم معاداة امريكا خاصة مع غزو العراق

معاداة أمريكا + (الإسلام الراديكالي + العنف السياسي) = الإرهاب[3]

Anti- Americanism+ (Radical Islam + Political Violence) = Terrorism

و أهم التعديلات المقترحة التركيز على القوة الناعمة و عنصر الجذب على مختلف المستويات. أما الفصل الثالث فيتم التركيز على التعاون الأمني الأمريكي الجزائري من حيث الدوافع و الأسباب و التي تنطلق اغلبها من الاعتماد المتبادل و تهديد الارهاب لمصالح البلدين، إضافة إلى الناحية العملية للتعاون; على المستويات العسكرية من خلال التدريبات و العمل العسكري المشترك و شبه العسكرية التي تركز على المعلومات و قطاع الاستخبارات و القانونية بالتنسيق على المستوى القانوني و تسليم المتورطين في قضايا ارهابية و العمل من اجل تجريم تقديم الفدية للارهابيين، لكن ينطلق هذا الفصل من التركيز على التعاون العسكري الأمريكي المغاربي بشكل عام، و ذلك لإبراز مدى التطور الذي شهده التعاون الأمني الأمريكي مع الجزائر.

يقوم الفصل الرابع بالنسبة للدراسة على رصد أهم الآثار المباشرة و غير المباشرة للتعاون الأمني الأمريكي الجزائري على المنطقة المغاربية، من خلال تقسيمها إلى آثار إقليمية و اهمها زيادة الاهتمام الأوربي بالمنطقة المغاربية التنسيق الأمني مع الجزائر و تكليفها بالعلاقات مع الأطراف الأجنبية تحسين قدرات جيوش دول المنطقة عسكرة القارة الإفريقية و التعاون الأمني الأمريكي الجزائري: ظهر تقرير للكنغرس الأمريكي يشير إلى أن بعض السفارات الأمريكية في إفريقيا، قد تحولت فعلا إلى مراكز لقيادات عسكرية يسيطر عليها موظفون عسكريون مكان الدبلوماسيين، محذرا من مخاطر انحراف وظائف المؤسسات و تداخلها، في ظل إستراتيجية الحرب على الإرهاب. مشيرا بشكل واضح إلى أن هذه المؤسسات قد تخلت عن دورها الأساسي في التكفل بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة، بحلول شخصيات عسكرية محل الإطارات الدبلوماسية في إدارة الشؤون الخارجية لواشنطن. كما كشف التقرير على أن الدول المعنية هي كل من: الجزائر، المغرب، تونس، موريتانيا، النيجر، مالي، تشاد و جيبوتي. و تم إرجاع ذلك إلى اعتباره مرحلة تمهيد قامت بها وزارة الدفاع البنتغون، لإنشاء قيادة الأفريكوم في المنطقة رغم رفض الدول المعنية[4] التنسيق الأمني بين دول الساحل و الدول المغاربية و الاقليمية الامنية: جاءت مناورات فلينتوك 10 العسكرية لقيادة الافريكوم لسنة 2010، بعد أسابيع قليلة من إعلان الجزائر على إنشاء قيادة عسكرية موحدة بين كل من الجزائر و السنغال و النيجر و مالي، حيث اختيرت مدينة تامنراست في الجنوب الجزائري لتكون مقرا لها. و التي تعتبر من أهم الانجازات التي تحسب لدول المنطقة.

أشار الجانب الجزائري إلى انه لا تعارض بين مشاركة قواتها في مناورات الافريكوم و استضافة قيادة موازية على أراضيها، ما دام الهدف هو مكافحة الإرهاب الذي لا يمكن إن تتصدى لمحاصرته بمفردها، بل يجب أن يكون هناك عمل و تنسيق دولي جاد للقضاء على هذه التنظيمات العابرة[5] للحدود .

و محلية التقارب بين الدول المغاربية العلاقات الجزائرية المغربية التأثير على قضية الصحراء الغربية الآثار السلبية للتعاون الأمني الأمريكي الجزائري على الجزائر إن التعاون العسكري الأمريكي الجزائري قد يعود بنتائج سلبية على الجزائر داخليا و خارجيا; من حيث صورتها بالنسبة للشعوب الإسلامية، و ذلك إذا ركزنا على كون منطقة الساحل تشهد ظهور حركات كثيرة في إطار الإسلام السياسي منذ ستين سنة تقريبا[6].

أشارت العديد من التقارير الصحفية، إلى كون التقارب الأمريكي الجزائري بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، و الذي جاء مع الغزو الأمريكي للعراق، جعل القاعدة و جماعات إسلامية متطرفة أخرى تستهدف الجزائر، من خلال التفجيرات التي ضربت العاصمة الجزائرية سنة 2007، ،

ثم مستقبل التعاون الأمني الأمريكي الجزائري في ظل الظروف الدولية الراهنة، وفقا لثلاث سيناريوهات سيناريو التحسن و سيناريو التدهور ثم سيناريو بقاء الوضع الراهن. التغيرات الإقليمية الراهنة، و دور الدول المغاربية و الساحلية في الحرب على الإرهاب تغيرات مستوى التهديد الإرهابي في الساحل توجهات النظامين الأمريكي و الجزائري

نتائج الدراسة:

يرى المحلل جيرمي كينان من خلال كتابه المشهور الصحراء السوداء، أن الإرهاب في الصحراء و الساحل هو صناعة أمريكية بالتعاون مع المخابرات الجزائرية، لكن الواقع هو أن هناك إرهاب و أن المنطقة مهددة، و تعتبر ملجأ مناسبا لتنامي الجماعات المتطرفة. و هو ما برز في المباحث المتعلقة بالوضع الأمني و الجغرافي و الاقتصادي و الاجتماعي و حتى الاستراتيجي للمنطقة، و أن فكرة انه صناعة من طرف المخابرات لن تغير من حقيقة كونه موجودا، إذ يمكن مقارنة ذلك بالقول إن القاعدة هي في الأصل صناعة أمريكية لضرب الاتحاد السوفياتي .

لا يمكن المقارنة بالطبع بين ظهور القاعدة في أفغانستان و الإرهاب في الساحل و المغرب العربي، حيث هناك عدة نقاط اختلاف تعود للوضع الدولي الراهن، و ظهور موجة الإرهاب العابر للحدود، كذا خصوصية المنطقة. إلا أن الإشارة إلى رأي جيرمي كينان، هو لهدف توضيح انه من المهم فهم أسباب تنامي الجماعات الإرهابية في الساحل، و علاقتها بتنظيم القاعدة الذي اختار العمل و اللجوء إلى الأراضي الإفريقية غير المراقبة، وفقا لمختلف أنماط التحليل التي شرحت ذلك. لكن دون التأثر بالآراء الشخصية للمحللين، و الاعتماد على الأدلة الموجودة في الوقت الراهن، لبناء رأي موضوعي.

من خلال الدراسة يمكن إثبات الفرضية الأولى، و التي تنص على انه; كلما زادت مستويات التهديدات الأمنية في منطقة الصحراء و الساحل، ازداد مستوى التعاون الأمني الأمريكي الجزائري. فقد بدا بوضوح أن التعاون الأمني الأمريكي الجزائري، انطلق بالأساس من تزايد التهديد الإرهابي في منطقة الصحراء و الساحل، بتواجد تنظيم القاعدة في المنطقة و تأثيره على باقي الجماعات الإرهابية، التي كانت تعد محلية لتتعاون مع التنظيم.

بالنسبة للفرضية الثانية و هي تخلي الولايات المتحدة على حليفها التقليدي في المنطقة المغاربية، و هو المغرب الأقصى لتعتمد على الجزائر . يمكن ملاحظة تراجع دور المغرب الأقصى كحليف تقليدي للولايات المتحدة لصالح الجزائر، لكن هذا لا ينفي أهميته، بل يشير بعض المحللين على غرار المحلل الجزائري يحيى الزبير، أن الدور الجزائري يعد مهما حقا، لكن يظل دور المغرب الأقصى هو الأساس. و تبقى العلاقات الأمريكية مع حليفها التقليدي في المنطقة المغاربية ذات أولوية، و أن كانت الظروف الدولية الراهنة قد وضعت الجزائر في الواجهة.

بالنسبة للفرضية الثالثة، التي ترتكز على كون التغيرات التي تحدث على مستوى الأنظمة من خلال الاحتجاجات الشعبية، لم تحفز توحد الدول المغاربية من اجل حماية أمنها المشترك، و هو ما يدل على أنها لا تهتم بالأمن الإقليمي، بقدر اهتمامها بأمنها الوطني، فالجواب عليها يكمن في أن الدول المغاربية تهتم بأمنها القومي و الوطني لكن بشكل منفرد، أما منظورها للتغيرات في تونس و ليبيا هو أنها شان داخلي، و رفضها المنفرد للتدخل الأجنبي سهل من التحركات الأمريكية و الأوربية نحو دخول المغرب من خلال هذين البلدين، فقد تمت عرقنت المغرب العربي على حد قول احد المحللين السياسيين وفقا لإستراتيجية استغلال الفرص. إذا حاولنا الابتعاد عن فكرة المؤامرة، و أن هذه الدول كانت تحاول الإطاحة بنظام القذافي تحديدا منذ فترة طويلة، انطلاقا من سياساتها الخارجية و علاقاتها الدبلوماسية المتوترة مع ليبيا باعتبارها دولة مارقة.

استفادت الولايات المتحدة من التعاون الأمني مع الجزائر من خلال فهم أعمق للمنطقة و مفاتيحها و مشاكلها، مما أدى إلى قدرتها على النجاح في تعديل و تنفيذ إستراتيجيتها تجاه المنطقة، صحيح أن هناك متغيرات أخرى ساهمت في هذه الآثار، لكن مسار التغيرات كان منطلقا من التعويل الأمريكي على الدور الجزائري، و إقامتها علاقات حسنة مع النظام الجزائري، كذا أن السلوك الجزائري في المنطقة كان له انعكاسات تعرقل أو تطور النتائج المشار إليها.

تصعب الإجابة على الفرضية الرابعة: ترتكز العلاقات الجزائرية الأمريكية -و التي يعد التعاون الأمني بين البلدين أهم مظهر لتحسنها بالأساس- على أبعاد الإستراتيجية الأمريكية المتعلقة بإفريقيا، و المعتمدة على الحرب على الإرهاب. لكون التعاون الأمني الأمريكي الجزائري، يقوم على العديد من الأسباب المهمة، و التي تعد مرتبطة بالوضع الدولي الراهن، أي أن هناك إمكانية لتراجع مستويات هذا التعاون. إذا تغيرت الظروف الدولي, و في نفس الوقت هناك إمكانية لتطوره، حتى و إن اختلفت هذه الظروف، لكن هذا لا ينفي الإشارة إلى التساؤل المهم؛ و الذي يكمن في لماذا لم توضع الجماعة السلفية للدعوة و القتال و التي ظهرت سنة 1998، ضمن قائمة الجماعات الإرهابية حتى سنة 2002، بالرغم من كونها جماعة إرهابية محلية ناشطة في الجزائر، و ظهرت بالانشقاق عن الجماعة الإرهابية المشهورة الجيا. من خلال رأي المحللين الذين تطرقوا إلى تحول المنظور الأمريكي للعشرية السوداء في الجزائر، لتساند النظام الجزائري حاليا في مكافحة الإرهاب، و إضافة إلى هذه النقطة المهمة كون الولايات المتحدة قد اعتبرت العديد من الجماعات المسلحة في العالم، بأنها جماعات إرهابية إلى درجة الخلط بين حركات المقاومة و الإرهاب، على غرار كل من حماس في فلسطين و حزب الله في لبنان؛ لكونهما تهددان امن إسرائيل، و لم تعتبر جماعة مثل الجماعة السلفية للدعوة و القتال جماعة إرهابية إلا سنة 2002. فيمكن الاستنتاج بوضوح أن الولايات المتحدة قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر و حتى بعدها، لازالت تنظر للجماعات الإرهابية من منطلق كونها تهدد المصالح الأمريكية و مصالح حلفائها القريبين على وجه التحديد، و أن التعاون مع الجزائر هو لهدف تحقيق هذه المصالح.

من خلال الدراسة تم الوصول إلى العديد من الاستنتاجات أهمها:

- من خلال المحاضرة التي ألقاها جون برينان مساعد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، فيما يتعلق بالأمن و محاربة الإرهاب. و التي تم الإشارة إلى أهم ما جاء فيها من نقاط التركيز حول التعديلات و الإصلاحات في إستراتيجية الحرب على الإرهاب، أن الولايات المتحدة سوف تركز في المدى القريب على الأقل على نشر الديمقراطية و حقوق الإنسان، و هي النقاط التي تم نقد السلوك الخارجي الأمريكي فيها يتعلق بالمبادرات الأمنية الثلاثة، التي قامت بها على مستوى منطقة الساحل و الصحراء الإفريقية، بالتعاون مع الدول المغاربية و الأوربية و دول الساحل و الصحراء، و هي كل من مبادرة بان الساحل و مبادرة الشراكة من اجل مكافحة الإرهاب، كذا بناء قيادة الأفريكوم للعمل و التنسيق العسكري. حيث لاحظ المحللون و المختصون بان الولايات المتحدة قد تمادت في التركيز على المستوى العسكري، مما سيعود بشكل سلبي عميق على إستراتيجيتها في الحرب على الإرهاب، و على نمط علاقتها بدول المنطقة، إضافة إلى الأمن و الاستقرار في المنطقة المغاربية و منطقة الساحل، و سينعكس ذلك بشكل كبير على دول جنوب أوربا و الأمن الأمريكي، الذي يعتبر نقطة التركيز الأمريكية التي انطلقت منها لبناء هذه الإستراتيجية، و بذل جهود كبيرة و أموال لتنفيذها.

- بالنسبة لقضية الصحراء الغربية فلكونها مطروحة في برنامج عمل الأمم المتحدة، و جعلها محورا للاهتمام في الوضع الراهن يعتبر أمرا مستبعدا، ذلك لان أهم قضيتين في الوقت الحالي هما محاربة الإرهاب و الإصلاح السياسي، على اثر موجة الاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت بعض الدول العربية، و أدت إلى إسقاط بعض الأنظمة، و عليه فان البلدين يهتمان حاليا بالاستقرار الداخلي و دعم الأمن و حماية الحدود، و إثارة قضية معقدة مثل قضية الصحراء الغربية و وضعها في المقدمة، يعد مغامرة من البلدين بأمنهما الداخلي، إذ يجب رفع مستوى التنسيق و العمل المشترك بينهما على المستوى القريب تحديدا .

- بالنسبة لسيناريوهات مستقبل التعاون الأمني الأمريكي الجزائري، فان سيناريو التدهور مستبعد انطلاقا من الظروف الدولية الراهنة و سياسات البلدين، في ظل أهمية هذا التعاون؛ فأن تعتبر الولايات المتحدة الجزائر طرفا معاديا و العكس هو أمر مستبعد، على الأقل على المدى القريب لبلدين تعتبر سياستهما الخارجية براغماتية، تقوم على تعزيز المكاسب و تقليل الخسائر و الأطراف المناوئة. كما أن هذا السيناريو يقوم على احتمالات قد تحدث أو لا تحدث، في حين يقوم كل من سيناريو التحسن و بقاء الوضع الراهن، على مسار التقارب الذي بدا يظهر بوضوح مع بداية القرن الحادي و العشرين.

- تبرر الولايات المتحدة الأمريكية لتدخلاتها و إستراتيجيتها الموجهة للقارة الإفريقية، بمنطلق تدهور الوضع الأمني و الاقتصادي، كذا إن الأمن الإنساني يواجه تهديدات خطيرة . و يجب حل مشكلات القارة، لينعم الأفارقة بحياة أفضل. بذلك تدعم السلم و الأمن في العالم, حيث أن الوضع الأمني في الساحل الإفريقي، لا يأتي بنتائج سلبية على إفريقيا وحدها، بل ينعكس على العالم ككل.

- إن اعتبار بعض الدول دولا فاشلة، لا يختلف عن كونها دولا ضعيفة في الأساس، لكن الحكم عليها بالفشل هو للحصول على مبررات تسمح للقوى الدولية بالتدخل في شؤونها الداخلية، مهما اختلفت أشكال التدخلات و الأسباب التي ارتكزت عليها هذه الدول، و أهم ما تعتمده الولايات المتحدة لتبرير تدخلها لمحاربة الإرهاب في الساحل الإفريقي.

- تعتمد إستراتيجية الحرب على الإرهاب على الدبلوماسية، في إطار استخدام القوة الناعمة للجذب، و ذلك لكسب المجتمع الدولي من خلال وسائل الإقناع و الإغراء على حد السواء، و التأثير على الدول الإفريقية و الأوربية، لقبول التدخل في الأمن القومي لهذه الدول و شؤونها الداخلية، بحجة ملاحقة الإرهابيين لدعم الأمن و الاستقرار الإقليمي و العالمي، وانطلاقا من نفس النقطة تحاول إقناع القوى الأوربية على دعمها في هذه الحرب، لكونها من أهم الأطراف التي يستهدفها الإرهاب فهي دول غربية، كذا قربها الجغرافي من منطقة الساحل الإفريقي .

- إن تواجد الولايات المتحدة في القارة الإفريقية، يهدف بالأساس إلى حماية مصالحها الاقتصادية و الإستراتيجية، من خلال محاولة مواجهة التحركات الصينية في القارة. إذ و من خلال العديد من الدراسات و الأبحاث فيما يتعلق بالسلوك السياسي الخارجي الأمريكي، يشير المحللون إلى أنها إستراتيجية لمواجهة الصين كقوة صاعدة تهدد المصالح الأمريكية على المدى القريب، و المكانة الأمريكية كدولة مهيمنة على النظام الدولي على المدى البعيد.

- أشار المستشار جون برينان إلى أن إستراتيجية الحرب على الإرهاب هي جزء من إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي، و لا تعكس السياسة الخارجية الأمريكية. لكن بدا من خلال الدراسة أنها تعكس السياسة الخارجية الأمريكية تجاه القارة الإفريقية مؤخرا، كون الولايات المتحدة قد أصبحت تتعامل مع دول الساحل و الدول المغاربية من منطلق الحرب على الإرهاب، و إن كانت هناك العديد من المنطلقات التي تقوم عليها.

- يشير بعض المحللين إلى كون الجزائر دولة وكيلة للولايات المتحدة في المنطقة، بالنسبة إلى هذه النقطة يبدو أن لها جانب من المنطقية، لكن الحالة الجزائرية لا تمثل وضع دولة وكيلة تقوم بالتنفيذ، و ذلك من خلال الإشارة إلى الرفض الجزائري لبعض النقاط المحورية للإستراتيجية الأمريكية في محاربة الإرهاب، على رأسها التواجد العسكري الأمريكي على الأراضي الإفريقية . لكن للدور الدبلوماسي الجزائري على المستوى الإقليمي و الدولي أهميته بالنسبة للحرب على الإرهاب، حيث أكد غراهم فولر في دراسته المشهورة عن الجزائر الدولة الشمولية القادمة، التي قام بها سنة 1996، بان الدبلوماسية الجزائرية قوية و ذات فعالية مهمة، مشيرا إلى الفريق الدبلوماسي الجزائري قائلا بأنه فريق دبلوماسي بارع .

كما يضاف للدور الدبلوماسي دور المؤسسة العسكرية الجزائرية، و التي بدأت منذ فترة طويلة بعمليات تطوير و اقتناء أسلحة ذات تكنولوجيا عالية، إضافة إلى العمل لرفع مستوى العملي و التقني للجيش و قوات الأمن الجزائرية، و التي كانت المملكة المغربية تتخوف من كون هذه التحركات العسكرية الجزائرية، هي تهديد مباشر لها. غير أن التعاون العسكري الأمريكي الجزائري قد ابرز بشكل واضح، أن هذه المحاولات كانت في ظل إستراتيجية عامة تتبعها الجزائر، و تنطلق من كونها دولة محورية مهمة في المنطقة و تتعرض للتهديد الأمني. عليها تطوير قدراتها العسكرية لتكون طرفا فعالا في المعادلات الأمنية الدولية مستقبليا، و ليس طرفا منفذا فقط.

- إن الريادة العسكرية الجزائرية ستعود بفائدة مزدوجة على المستوى الإفريقي، كونها دولة افريقية معنية بقضايا القارة، إضافة إلى توفير الأمن و القضاء على الإرهاب، و التصدي لمحاولات تنظيم القاعدة للدخول و العمل في البلاد. لكن التركيز المبالغ فيه على العنصر العسكري سيعود كما سبق الإشارة في الفصل الرابع بنتائج سلبية على رأسها زيادة محاولات القاعدة استهداف الجزائر، إضافة إلى وجود علاقات متنامية مع أمريكا، التي تعتبرها القاعدة عدو الإسلام الذي يجب القضاء عليه. و عليه فان استمرار الجزائر في محاولة إيجاد توازن في إستراتيجيتها الأمنية و الدبلوماسية، على المستويات المختلفة الوطنية و العربية و الإسلامية و الإفريقية و المتوسطية و الدولية، في إطار التقارب مع الولايات المتحدة الأمريكية، يعد من أهم الرهانات التي يجب التركيز عليها في المرحلة الحالية و المستقبلية.

-إن محاربة الإرهاب و وفقا للتجربة الجزائرية المهمة في هذا المجال، تم إثبات كونها لا تنطلق فقط من أسس عسكرية، بل يجب الاهتمام بالمستوى الاقتصادي و تحسين مستويات المعيشة و الأوضاع الاجتماعية للشعوب، إذ أن برامج محاربة التطرف قد ركزت فيه على نقطتين في إطار استخدام القوة الناعمة في محاربة الإرهاب، و هما التركيز على الأفكار و الأوضاع الاقتصادية للشعوب.

- إن التقارب الأمني الأمريكي الجزائري؛ كان واضحا انه يندرج ضمن مسار لإستراتيجية أمريكية للدخول للمنطقة، انطلاقا من مسوغ الحرب على الإرهاب، حيث اعتبرت أن الجزائر هي الدولة المحورية التي يجب الاعتماد عليها، لتنفيذ الإستراتيجية الجديدة.

- يبدو بوضوح من خلال تصريحات المسؤولين الأمريكيين، و الدعم الأمريكي لمحاولات الشعوب العربية تغيير الأنظمة السياسية القائمة، أن الولايات المتحدة الأمريكية قد وجدت أنها فرصة إستراتيجية لا تعوض، و يجب استغلالها بأحسن الطرق.

تتعد النتائج و الملاحظات في البحث في مجال العلاقات الدولية لتعقد قضاياه و تداخلها، إذ لا يمكن حصرها في نقاط محددة، غير أن المهم في هذه الدراسات أنها تثير تساؤلات جديدة، منطلقة من ملاحظة أن هناك متغيرات أخرى، و نقاط لها دور مهم لفهم الأحداث الدولية و اتجاهات التغير و سلوك الفاعلين الدوليين، في ظل نظام دولي يرتكز على الاعتماد المتبادل رغم وصفه بأنه أحادي القطبية.

فبالنسبة للبحث في الحرب على الإرهاب و تحديدا التعاون الأمني الأمريكي الجزائري في إطار هذه الحرب، و الذي يمكن ربطه بالتغيرات التي حدثت في كل من المنطقة المغاربية و الشرق الأوسط عموما، على اثر موجة الاحتجاجات سالفة الذكر، فانه يمكن التساؤل حول مستقبل التعاون الأمني الأمريكي الجزائري في ظل هذا التغير؟ و هل ستتخلى الولايات المتحدة عن التعاون مع الجزائر، بالتقارب مع الأنظمة الجديدة التي يتم بناؤها في كل من تونس و ليبيا و مالي؟

من خلال الدراسة ظهر بوضوح أن العلاقات الأمريكية الليبية قد شهدت تحسننا مهما، خاصة فيما يتعلق بالتعاون الأمني بين البلدين في إطار الحرب على الإرهاب، لكن ما يجذب الانتباه في هذه النقطة، رغم كون العلاقات الجزائرية الأمريكية لم تشهد مستوى عالي من التوتر على غرار العلاقات الليبية الأمريكية، لكن التطور التاريخي للعلاقات بين البلدين يبرز أن هناك إشكالية في عدم الثقة بينهما، تتزايد و تتناقص من فترة إلى أخرى. و التساؤل المطروح في هذا الإطار هو: ماذا لو توفرت فرصة للولايات المتحدة لتجاوز الرأي الجزائري الرافض للتدخل العسكري في المنطقة و الضغط بشكل كبير عليها، فهل سيتكرر سيناريو ليبيا تجاه الجزائر

الشكل:14 خريطة توضح طرق تنقل الجماعات الإرهابية و جماعات الجريمة و المنظمة و تجارة الأسلحة

1 Burry Buzan, Ole Waever . Regions and Powers: The Structure of International Security. Cambridge Studies in International Relations. P: 220

[2] David N Santos. Counterterrorism v. Counterinsurgency: Lessons from Algeria and Afghanistan small wars journal ,Small Wars Foundation March 14, 2011, In www.smallwarsjournal.com.pp: 04-05.

عبد القادر رزيق المخادمي. قيادة افريكوم الأمريكية : حرب باردة ام سباق للتسلح، مرجع سابق، ص:74. [4]

نفس المرجع، ص:72.[5]


[6] Abdennour Benantar, op.cit, p :166.

66 views0 comments
bottom of page