top of page
MeryemBrahimiIcon.png

هل تحاول إيران الوصول إلى تسوية على المدى القريب؟

Updated: Aug 29, 2019





بالنظر إلى تصريح الرئيس الإيراني "حسن روحاني" منذ أسابيع، باعتبارالشأن الخليجي يخص دول الخليج وحدها، في إشارة إلى إمكانية الدخول في محادثات إقليمية، مروراً بزيارة وزير الخارجية الإيراني "محمد ظريف" إلى الكويت لاحقاً وتصريحاته حول إبرام اتفاقيات عدم اعتداء مع دول الخليج، وإنشاء منظومة إقليمية لا تكون الولايات المتحدة طرفاً فيها، وانتهاءً بزيارته المفاجئة لقمة مجموعة السبع في فرنسا.

تحركاتٌ وتصريحاتٌ للمسؤولين الإيرانيين مؤخراً، تبين نيّة البلاد في الخروج من أزمة حدة توتر علاقاتها مع الولايات المتحدة والعديد من القوى الدولية سواءً على المستوى العالمي أو الإقليمي.


ما تفسير التحول في رد الفعل الإيراني المصعِّد للاضطراب؟

تحاول إيران بدء محادثات إقليمية ودولية لتسوية حالة التصعيد المتزايد للاضطراب في علاقاتها الدولية، ويبدو أن هناك اتصالات قد حدثت على أعلى مستوى بين إيران ودول غربية، كان نتاجها موافقة الرئيس الفرنسي "ماكرون" على حضور وزير الخارجية الإيراني مؤتمر السبع في العاصمة باريس، مايبين أن إيران تسعى بجدية لتسوية خلافاتها المتراكمة مع الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها، كذا خلافاتها الإقليمية مع دول الخليج العربي خاصة.

تعود محاولات إيران فتح محادثات دولية وإقليمية إلى عدة أسباب أهمها واقع الاقتصاد الإيراني الضعيف، تركيز حلفاء إيران على أولويات تبدو لهم أكثر أهمية من العمل فقط على دعم السياسة الإيرانية، والعداء التاريخي للدول الخليجية ذات السيادة، والتي تعتبر حقيقة جيوسياسية بالنسبة لإيران لا يمكن التعامل معها بالتصعيد الدائم.


١- تأثير العقوبات الغربية على الاقتصاد الإيراني

يؤكد الاقتصادي الإيراني "حسين راغفار" أن الاقتصاد الإيراني يعاني من مشاكل بنيويّة، وأن تاثير العقوبات الأمريكية على إيران لا يمثل أكثر من ١٥٪ من أسباب ضعف الأداء الاقتصادي في البلاد.

من بين هذه الأسباب يمكن الإشارة إلى الفساد وسوء الإدارة والمحسوبية، في ظل غياب الإصلاحات اللازمة. لكن ذلك لاينفي أن هذه العقوبات كانت محركاً مهماً في عملية إضعاف اقتصاد البلاد بتأثيرها على تدفق رأس المال بالشكل المطلوب للخزينة الإيرانية.

بدأ الحديث حول فشل الثورة الإيرانية في تحقيق أهدافها التي سطرتها منذ أربع عقود داخل إيران، حيث أكد ذلك تصريح أستاذ العلوم السياسية الإيراني من طهران "صادق زيباكالام" بقوله: "إذا تم إجراء استفتاء حول الجهورية الإسلامية اليوم فإن ٧٠٪ سيعارضون قيامها من جميع مكونات المجتمع الايراني سواء كانوا أغنياء، أكاديميين، من سكان القرى والمدن". ذكر ذلك خلال الاضطرابات الداخلية الأخيرة التي شهدتها البلاد بين عامي ٢٠١٧- ٢٠١٨. كما صرح مركز أبحاث إيراني تابع للبرلمان، أن هناك تزايد في نسبة البطالة التي من المتوقع إن تربو إلى ١٦٪ في عام ٢٠٢١ ، وعلى جانب آخر فإن هناك من يقول أنها إحصاءات مغلوطة، وأن النسبة ستكون في أحسن الأحوال ٢٦٪ إذا لم تصل الى٤٠٪ كأسوء سيناريو محتمل..


٢- تركيز حلفاء ايران على أولويات اخرى

تهتم روسيا بالوضع في سوريا أكثر من الوضع في اليمن لأبعاد استراتيجية، ترتبط بالوجود الروسي في الشرق الأوسط بالتنسيق مع نظام بشار الاسد. فروسيا لم تدعم إيران بالشكل الذي توقعته هذه الأخيرة ضد قرار الولايات المتحدة في عدم تمديد فترة السماح بتصدير النفط الإيراني لدول محددة، كذا التوتر الذي حصل في الخليج وبحر عمان ومايعرف بحرب الناقلات.

تحاول إيران الوصول إلى تسويات مع الدول الغربية منفردة، كما أنه من الواضح أن روسيا لم تبدِ رفضاً شديد اللهجة لإنشاء مركز العمليات التركي الأمريكي، وإيجاد ما يعرف بالمنطقة الآمنة، وهو أمرٌ يقيّد التحركات الإيرانية في سورية.

بالنسبة للعلاقات التركية الأمريكية، فإن إقامة مركز العمليات المشترك - والذي تم الإعلان عن إنشائه في بداية أغسطس الجاري – في إطار اتفاق إقامة منطقة آمنة، برغم الرفض الشديد للقوات الكردية لهذه الخطوة؛ يظهر تحسناً وتنسيقاً في العلاقات الأمريكية التركية التي اتهمت شخصيات مهمة منها في قضية دعم إيران، الأمر الذي ينعكس سلبياً على إيران تحديداً، إضافة إلى زيارة أمير قطر للولايات المتحدة وتزويد قاعدة العديد بالطائرات لمواجهة أي تهديد إيراني محتمل.

يمكن القول أن إيران قد وجدت نفسها بعد حسابات عقلانية لتحركات حلفائها والأطراف التي تختلف معها بالتعاون فيما بينهم أنها في جبهة ثالثة بمفردها، وأن عليها التحرك بسرعة حتى لا تكون الحلقة الأضعف في الصراعات القائمة التي جعلت من المحتمل أن يتم التضحية بمصالحها..


٣- اهتمام الدول الخليجية بالتعاون فيما بينها

إن وجود التنسيق والتعاون بين الدول الخليجية يجعلها طرفاً قوياً في أي معادلة، بسبب قدراتها الاقتصادية والعسكرية المتنامية، إضافة إلى علاقاتها المستقرة التي تزداد ترابطاً مع أهم القوى الدولية على غرار الصين والولايات المتحدة تحديداً.

تتعامل الدول الخليجية مع الأزمة اليمنية بشكل متعاون خاصة بين الإمارات العربية المتحدة والسعودية، على الرغم من الجدل القائم حول حدوث انشقاق بين الدولتين، الأمر الذي تنفيه السلطات في البلدين، بالتأكيد على استمرار التحالف والتنسيق في اطار خطة إعادة الانتشار..

يضيف وجود قوة عسكرية أمريكية في الخليج مخاوف وتردد إيران في المُضيّ قدُماً في تهديد استقرار المنطقة، لكن ذلك لا يعني بأي حال عدم قدرة الدول الخليجية - خاصة في ظل تعاون اغلبها - على حماية إقليمها، فالدول الخليجية تمتلك جيوشاً وترسانة عسكرية تؤهلها لاعتبارها قوة عسكرية إقليمية رائدة في آسيا.


قامت الدول الخليجية بتقوية قدراتها العسكرية مؤخراً، وتزويد جيوشها بأحدث التكنولوجيات والآليات العسكرية والصواريخ البالستية عالية القدرة. كما أقامت العديد من صفقات الأسلحة المتقدمة، إضافةً إلى الاهتمام الخاص بالأمن السبراني تحديداً في دولة الإمارات العربية المتحدة، فالقدرات الاقتصادية تمنح الدول مجالاَ أوسع لتنمية قدراتها العسكرية وتطويرها بشكل سريع.

يبدو أن إيران قد أدركت أن وجود الدول الخليجية ذات السيادة والمتعاونة فيما بينها هي حتمية جيوسياسية يستحيل إلغاؤها، خاصة بقطع هذه الدول شوطاً مهماً في التنمية المتكاملة لقدراتها، وأن مواجهة أمريكا مع حلفائها أمرٌ قد أنهك اقتصاد البلاد، ورفع من حالة الضغط وعدم الرضى للمواطن الإيراني، في ظل وجود معارضة مهمة داخل وخارج البلاد.


لا يبدو أن هذه المواجهة تحمل أي مكتسبات على المدى الطويل، في ظل تركيز حلفاء إيران على قضايا ذات أهمية أكبر من استمرار دعمهم لقضاياها، فتكتفي هذه القوى بالتنديد، لذا فمن المتوقع أن تكون التحركات الإيرانية الأخيرة، ضمن خطة ومسعى جاد للتهدئة إقليمياً ودولياً، من خلال اتصالات مع قوى إقليمية وغربية للوصول لتسوية مرضية.

في آخر تصريحات للرئيس "حسن روحاني" ذكر أن بلاده لاترغب في امتلاك السلاح النووي، لكن ستدخل في مفاوضات مع أمريكا بشرط رفع جميع العقوبات عليها، كما عبر الرئيس "دونالد ترامب" عن استعداده المشروط هو الآخر للقاء نظيره الإيراني للبحث في أهم الخلافات. من المرجح أن يتنازل الرئيسان عن بعض شروطهما خاصة من الجانب الإيراني.


بالنسبة للتصريحات داخل البلاد فتعود لطبيعة النظام السياسي، الذي يحاول أظهار إيران كقوة عظمى، كي لا تسقط هيبة الدولة في نظر المواطنين، في ظل وجود معارضة مهمة داخلها.

لذا فمن المتوقع أن تستمر المحادثات الدولية بعد قمة السبع، ومن المرجح أن يتم الاتفاق على التعامل مع الملف الإيراني بشكل دولي وليس أمريكياً فقط، بالتاكيد على أهمية المقاربة الأوربية بهذا الشأن.

62 views0 comments
bottom of page